الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة فصل جديد من رباعية "بورقيبة " لرجاء فرحات :بورقيبة -أمريكا

نشر في  04 ديسمبر 2015  (09:44)

بعد السجن الأخير  وخطاب البالماريوم، يقدم المسرح الصادقي بتونس مسرحية  "بورقيبة أمريكا"  التي تتناول فصلا هاما من حياة الزعيم التونسي  على المسرح الدولي .

ويجمع هذا العمل المسرحي الوثائقي  الكاتب والمسرحي  محمد رجاء فرحات والممثلة و الجامعية آمال الفرجي والكاتبة و الجامعية أمينة عزوز  والسينمائي أحمد بوعتور.

  ويسعى رجاء فرحات الى  حمل المتفرج الى نصف قرن كامل من المعاناة  الانسانية و السياسية  التي خاضها بورقيبة  دفاعا عن حياته المهددة و حياة شعبه في زوبعة الحرب العالمية  بين قوات المحور الألماني و الحلفاء وعودة فرنسا الى  الحكم الاستعماري  بعد انتصار الحلفاء و تنكيلها بالمتعاونين مع الألمان  بداية مع الملك الشعبي المنصف باي الذي أهين  وأطرد من الحكم و  نفي الى صحراء الجزائر حيث اجبر على التنازل لفائدة ابن عمه الأمين باي .

من بيوت ترنجة الحي الشعبي  بباب الخضراء، اتصل بورقيبة سرا بقنصل أمريكا هوكر دوليتل  المتطلع الى ربط علاقة مباشرة مع الأوساط الوطنية التونسية بأن  موقف الحزب الدستوري  منذ صيف 1942 واثق من هزيمة هتلر و من ضرورة دعم الحلفاء و المطالبة بفتح الحوار حول استقلال تونس بعد الحرب  و بذلك كسب  تعاطف القنصل الذي حصل على  تبرأة بورقيبة و عدم ملاحقته  .

كان  وضع القضية الوطنية سيئا  بعد هروب  القيادة الدستورية   المساندة للألمان  وتشمل الدكتور الحبيب ثامر   و الرشيد إدريس و حسين التركي  و استقرارها في برلين  الى جانب مفتي القدس الشيخ أمين الحسيني  و كان على بورقيبة إعادة بناء جهاز الحزب  تحت رقابة  بوليسية فرنسي خانقة  حت اضطر الى الهجرة  سرا الى ليبيا مرورا  عبر قرقنة  و المشي عبر الصحراء خمسين يوما حتى مصر   مقر الجامعة العربية الجديدة .

وتصور  مسرحية "بورقيبة –أمريكا" الرحلة الأولى الى أمريكا سنة 1946 بدعم من الأمير فيصل السعودي  الذي فتح أبواب سفارته الأمريكية لبورقيبة فالتقى صدفة بكاتب الدولة للخارجية دين أشيسون  و نشر صورته معه  لكسب مواقع إعلامية ملفتة اهتزت منها فرنسا .

واهتمت المسرحية بمسيرة الثنائي بورقيبة و فرحات حشاد  الذين تحالفا دفاعا على القضية الوطنية     منذ عودة بورقيبة من مصر في سبتمبر 1949  وحتى اعتقال بورقيبة و اغتيال حشاد سنة 1952. وكانا قد نجحا  أيما نجاح في رحلتهما الى مؤتمر النقابات الأمريكية في سان فرانسيسكو سنة 1951 و دخولهما الى وزارة الخارجية  بواشنطن   بعد ذلك المِؤتمر لإقناع الدبلوماسية الأمريكية  بإدراج القضية التونسية  في روزنامة الأمم المتحدة .

وبعد سجنه وعزله عن العالم  في جزيرة جالطة  تابع  بورقيبة عمل حشاد  في أمريكا  و ابتهاجه مع الوطنيين بإدراج القضية التونسية أمام الأمم المتحدة يوم 5 ديسمبر 1952 أي اليوم الحزين الذي  أغتالت فيه اليد الحمراء الشهيد فرحات حشاد برادس.

وتتوالى حلقات  العلاقات مع أمريكا بعد الإستقلال  سنة 1956 و تمسك بورقيبة  بها في مواجهته المستمرة مع فرنسا  خاصة مع وقوف تونس الى جانب شقيقتها الجزائر في حربها التحريرية و عقاب تونس مرارا على تلك الوقفة و قصف ساقية سيدي يوسف سنة 1958  و تكرر الحوادث باستمرار على طول الحدود.

وقد استغل بورقيبة كل  المناسبات  لتكثيف التعاون مع أمريكا، فاستقبل الرئيس ايزنهاور قائد الحلفاء و كان التتويج  سنة 1961 عندما نجح بورقيبة الإبن في تنظيم زيارة تاريخية لوالده الى البيت الأبيض  مع الرئيس  جون كيندي الذي استقبله بحفاوة بالغة ووصفه بأ،ه جورج واشنطن  تونس .

لم يغب بورقيبة عن زيارة كل الرؤساء الأمريكان بعد اغتيال كيندي سنة 1963  فالتقى بجونسون وبنيكسون وأخيرا  بريغان في جوان 1985ليعيد الاتصال به  في أكتوبر من نفس السنة بعد العدوان الاسرائيلي  على حمام الشط و تهديده رسميا بعزمه على قطع العلاقات بين البلدين  إذا ما استعملت واشنطن حق الفيتو لتجنيب إسرائيل  ادانة مجلس الأمن .لأول مرة  أحجمت واشنطن  عن استعمال الفيتو لصالح اسرئيل التي أدينت  أمام العالم لانتهاكها السيادة التونسية .

كان هذا الفصل الأخير  في علاقة بورقيبة بأمريكا  دقة النهاية  قبل عزل بورقيبة  سنة 1987 لكن هذه الصفحات التي قدمتها المسرحية الوثائقية بالصوت و السينما  و الموسيقى  ربما أثرت ذاكرة المتفرجين  بحلقة هامة من  تاريخ تونس المعاصر  .

وتقدم   "بورقيبة أمريكا " طوال الأشهر القادمة في مختلف المدن التونسية قبل أن تسافر الى العواصم الأوروبية و الأمريكية.